ميكروباص علي الطريق الزراعى ..!!

متي نري د. نظيف
في ميكروباص علي الطريق الزراعي؟

مشهد «1» دخلت الطالبة الشابة منزلها في الحادية عشرة صباحا، وكانت مفاجأة لأسرتها فالمفروض أن تكون في كليتها وأنها سوف تعرض عملا فنيا علي الدكتور اليوم لتحصل به علي درجات نصف السنة في كلية الفنون التطبيقية، وعندما استفسرت أسرتها عن هذا التصرف الغريب، خاصة أنها من مدينة تبعد عن القاهرة بستين كيلو مترا وتصل إلي القاهرة عبر سيارات الركاب (الميكروباص ).. قالت الشابة والدموع في عينيها إن الطريق السريع الذي تستخدمه سيارات الميكروباص التي كانت تقلها كان مغلقا علي الآخر ووصلت إلي مشارف القاهرة بعد ميعاد لقائها مع الدكتور بالكلية فاضطرت آسفة أن ترجع مرة أخري مع أول سيارة ميكروباص عائدة إلي بلدتها.....
مشهد «2» قلق أسري كبير مع نسمات فجر أحد الأيام الكل يستعد لوداع الابن الذاهب إلي دولة الإمارات العربية بعد نجاح عمه في الحصول علي عقد عمل له بمبلغ معقول وأيضا بشروط وراتب شهرين تم إعطاؤها للرجل الذي جاء بالعقد، طائرة الشاب تقلع في تمام الثانية عشرة ظهرا وأسرته تودعه في الساعة الخامسة صباحا، ويستقل السيارة الأجرة في تمام الساعة السادسة صباحاً حتي يصل قبل ميعاد الطائرة بثلاث ساعات مع العلم أن المسافة بين بلدة الشاب والمطار لايمكن أن تستغرق في أكثر الأحوال ساعتين في الطريق، والغريب أن الشاب وصل إلي مطار القاهرة ورأي بعينيه طائرته وهي تقلع ذاهبة إلي الإمارات وكان السبب بالطبع هو ذلك الزحام المروري الشديد الذي ألم بطريق القاهرة الإسكندرية الزراعي. ولم تفلح صرخات الشاب طوال الطريق ويتساءل ما الذي حدث... مشهد «3» رجل مسن يذهب كل شهر إلي دكتور من أشهر الأطباء في القاهرة للعلاج... ميعاد الطبيب بالثانية وأرقام الفيزيتا أيضا في السما وتحديد الميعاد مع الطبيب في العادة يحتاج إلي واسطة كبيرة بذل المريض فيها جهدا كبيرا أضعف صحته أكثر، ظلت صرخاته في الميكروباص الذاهب إلي القاهرة من مدينة بنها إلي مدينة طوخ تعلو وتعلو ولا أحد يسمعها، وعندما سأل عن أسباب أن تكون مدة سير السيارة من بنها إلي طوخ وهي 15 دقيقة وتحول بقدرة قادر إلي مايقرب من الساعة والنصف، قالوا له إن المرور ومديرية أمن القليوبية تقوم بإنشاء مطبات علي شكل عواكس ضوئية ويطلق عليها ( عين قط ) ويقومون بوضعها علي الطريق حتي تكون عائقاً لسرعة السيارات.. وعندما سأل: هل فعلا هي مفيدة، أكد له السائق قائلا : (لامفيدة ولا حاجة كل إفادتها في بوظان كاوتش العربية بس لكن سرعة لأه ) المهم دخل الرجل المريض عيادة الدكتور بعد ساعتين من ميعاده وكان الدكتور قد انصرف من العيادة ولم يجد المريض نفسه إلا والدموع تملأ عينيه... هذه المشاهد ليست مشاهد سينمائية لكنها مشاهد حقيقية تحدث كل يوم وليلة علي طريق مصر الإسكندرية الزراعي وصرخات الناس لايسمعها أحد في مصر، خاصة الحكومة والذي لا يعلمه السيد رئيس الوزراء الدكتور نظيف أن أوقات وأحلام وأشغال الناس تداس تحت عجلات السيارات علي هذا الطريق يوميا ولا أحد يستجيب، وصرخات الناس كثيرة وأنا شخصيا منذ شهر كتبت عن الصعوبات الشديدة التي تقابل الناس علي طريق مصر إسكندرية الزراعي، ومع أن الحكومة عندنا لاتتحرك إلا بعد أن تحدث الكارثة، ولكن في مايحدث من كوارث علي هذا الطريق الحكومة عندنا اتخذت مسلكا آخر، وهو أنها مع كل الكوارث لن تتحرك... !! أعلي نسبة فاقد للبني آدمين علي مستوي العالم موجودة عندنا علي أسفلت هذا الطريق ولا أحد يتحرك. الدماء تسيل كل يوم ولا أحد يتحرك... سيارات النقل تتسبب في أكثر الحوادث عندنا ولا أحد يتحرك... سيارة واحدة وليست سيارتين تتعطل علي هذا الطريق، يقف الطريق ربما لأكثر من نصف ساعة والناس لاتعرف السبب، ولو أن السيد رئيس الوزراء ركب إحدي سيارات الميكروباص أو سيارة خاصة سيجد نفسه في حيرة شديدة وهو يمر من جانب السيارة المعطلة ليسأل نفسه سؤالا يسأله كل مستخدمي طريق إسكندرية- القاهرة الزراعي... هل من أجل هذه السيارة المعطلة يتوقف الطريق لتلك المدة الطويلة.. ولك ولنا أن نتساءل: كيف يمكن لأي مسئول حكومي أن يصدر أوامره فيقل سير سيارات النقل من الطريق الصحراوي ( طريق البهاوات ) إلي طريق القاهرة الإسكندرية الزراعي ليزيد من الطين بلة، ويصبح الطريق سمك لبن تمر هندي؟! ثم لماذا نشعر دائما أن الحكومة ليست معنا، يعني هل الحكومة لاتعلم شيئا عما يحدث علي الطريق الزراعي، هل كل تنقلات الوزراء ورئيس الوزراء بالطائرات، وإذا كانوا يحلقون في السماء تاركين أولاد الأيه من أمثالنا يداسون بالأقدام وتحت عجلات السيارات علي الطريق الزراعي.. فهل يمكن لنا أن نطلب منهم الرحمة، من أسر المذلة والبهدلة وضياع الوقت والأحلام علي طريق مصر الإسكندرية الزراعي أملي أن أري الدكتور نظيف داخل سيارة ميكروباص علي الطريق الزراعي وبالذات في المسافة بين بنها وطوخ.. وسط الناس ليري مايحدث لهم.